مساء الاثنين أنهت قوات الأمن الجدل الذي أثير حول قتل مدير مباحث السويس اللواء إبراهيم عبدالمعبود عبر قتلها المتهم الأول «أحمد عيد المرشدي» بعد اشتباك قصير بالأسلحة النارية في صحراء سيناء بين المتهم وقوات الشرطة، ورغم قتل أجهزة الأمن للمتهم إلا أن الجدل والأسئلة التي أثارها الحادث لم تنته وإن كان المتهم قد مات ومعه العديد من الأسرار فإنه ليس هو المتهم الوحيد.
وقد صرح مصدر أمني بمحافظة الإسماعيلية إن قاتل اللواء إبراهيم عبدالمعبود ـ مدير مباحث السويس ـ قد لقي حتفه ليلة الاثنين في تبادل لإطلاق الرصاص مع الشرطة بإحدي المناطق الصحراوية بالقنطرة شرق علي الضفة الشرقية لقناة السويس.
وأضاف أنه تم رصد المرشدي أثناء قدومه من مدينة العريش إلي الإسماعيلية داخل شاحنة صغيرة، حيث تم إعداد كمين لضبطه علي الطريق الأوسط قرب قرية التقدم داخل صحراء سيناء. وأضاف أنه عندما حاولت قوات الأمن القبض عليه في الحادية عشرة والنصف من مساء يوم الاثنين بادرها بإطلاق الرصاص عليها من سلاح آلي كان يحمله مما اضطر رجال الشرطة إلي تبادل إطلاق الرصاص فتم قتله في الحال.
وتابع: إن المرشدي كان بمفرده وقت قتله وأنه كان داخل سيارة صغيرة بدون لوحات معدنية. وقال إنه تم إطلاق دفعات متتالية من الرصاص علي المرشدي إلا أنه لم يحدد كم عدد الطلقات التي أصابته.
وقال إن بعض المرشدين من بدو المنطقة شاركوا رجال الشرطة في التوصل إلي مكان اختباء المرشدي وأن عملية الرصد تمت منذ نحو ثلاثة أيام حتي تم تحديد مكانه بالضبط.. ورغم تأكيد الداخلية قتل المتهم بقتل مدير مباحث السويس إلا أن القضية مازال بها الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابة أهمها هل المرشدي الذي قتل هو من قتل اللواء إبراهيم عبدالمعبود؟
«الدستور» ذهبت إلي مسرح الأحداث وحاولت كشف أسرار الحادث وكشفت عن المتهمين الحقيقيين الذين يقفون وراء الحادث.
رغم مرور 3 أسابيع علي مقتل اللواء إبراهيم عبدالمعبود ـ مدير إدارة البحث الجنائي مدير أمن السويس ـ في العاشر من سبتمبر الجاري، ورغم الجهود المضنية التي بذلتها أجهزة الأمن في أربع محافظات.. فإن الحقيقة الوحيدة المتاحة هنا ـ وسط عدد لا يحصي من الشائعات ـ أن المتهم أحمد عيد مرشدي «26 سنة» الذي أعلنت الداخلية قتله، ليس المتهم الوحيد في هذه القضية.. تبدو الأوضاع في مدينة السويس الآن هكذا كل مكان تجري فيه العروق الأمنية ويخفق بين جنباته النبض الشرطي.. لن يخلو من حذر مشوب بالقلق والحيطة والتوجس.. يمكن ملاحظة ذلك بسهولة في أعين الجهاز الأمني هناك الذي يلاحق كل شيء بحساسية زائدة وانفعال مرتبك وغير مبرر في بعض الأحيان، فلا تزال وقائع اغتيال اللواء عبدالمعبود ماثلة وتلقي بظلالها هنا وهناك، حيث إن عدداً كبيراً من أقسام الشرطة لاتزال محتفظة بلوحات نعي الفقيد علي بواباتها وكأنها تعلن عن حالة حداد إلي أجل غير مسمي!
لكن الموقف سينكشف سريعاً، أن مصدر هذا التحفز الأمني ليس مقتل اللواء عبدالمعبود وحده.. جانب كبير من المجهود الأمني تم إدخاره لتأمين مباريات كأس العالم للشباب التي يستضيف عدد منها استاد «مبارك» بمدينة «بورتوفيق».. وهو تقريباً السبب وراء خلو الشوارع بشكل ملحوظ من الخدمات.. والدوريات المرورية.
أهالي المدينة بشكل خاص لا يبدو أنهم مهتمون بهذه المباريات بذات القدر من الاهتمام الذي يوليه الأمن لها.. الأمر هنا علي العكس تماماً.. سيرة اللواء عبدالمعبود لاتزال أحاديث السهرات وكل ساعة تقريباً تخرج للنور شائعة تسعي لاستجلاء القضية الحقيقية لاغتياله، وأغلبها تقريباً يشي بتواطؤ أمني سافر.
بسهولة أيضاً يمكن مراقبة المرشدين السريين علي المقاهي فهم مميزون بجلساتهم الصامتة ونظراتهم المثبتة في اتجاه واحد.. وحواجبهم التي ترتفع استعداداً لالتقاط معلومة جديدة، إضافة إلي تصرفاتهم العفوية التي تفضح مللهم الجلوس في المكان نفسه وسماع الأحاديث ذاتها لساعات تفوق الاحتمال.
لا يجد الأهالي والمراقبون للأمور هناك مانعاً من الربط بين اغتيال اللواء عبدالمعبود وإصابة ضابطين آخرين وبين شخصيات إجرامية ذات تاريخ وصيت ذائع من أمثال عزت حنفي «إمبراطور النخيلة» بأسيوط ونوفل سعد الشهير بخط الصعيد في قنا، فمن المسلمات لديهم أن الداخلية هي التي تركت قاتل عبدالمعبود «يتفرعن» حسب تعبيرهم.. يقول الأهالي إن المتهم عندما طردته قبيلة «الترابين» من مسقط رأسه في منطقة وسط سيناء في عام 2007 استوطن منطقة «أبوسيال» التابعة إدارياً لقسم شرطة الجناين.. ترك له الضباط الحبل علي الغارب ليمارس تجارة السلاح والمخدرات بموجب صفقات أمنية تلزمه في المقابل تسليم مجرمين وأسلحة وكميات من المخدرات.. إضافة لتعقب الهاربين من الخطرين والخارجين علي القانون.. لكنه استأسد ولم يلتزم بالاتفاق، فقتل ضابطاً برتبة نقيب في شهر يونيو من العام الماضي، وصدر بحقه حكم غيابي بالإعدام شنقاً.
ظل المتهم طوال الفترة الماضية يتنقل بحرية بين محافظتي الإسماعيلية والسويس في دائرة يتابعها الأمن وكان من الممكن القبض عليه في أي لحظة علي الأقل لتنفيذ أحكام صادرة ضده في قضايا مخدرات وسلاح.. إلخ، لكن وجوده حراً ظل مرهوناً بالخدمات التي يقدمها لضباط المباحث.. ثم تطورت العلاقة إلي حد عقد صفقات اقتضت وجود صداقة بينه وبين عدد لا بأس به من الضباط.
عندما استوطن المتهم أحمد عيد منطقة «أبوسيال» فرضت سيطرته علي المنطقة التي تحولت بسرعة إلي أكبر وكر لتجارة المخدرات والسلاح في السويس.
وهو ما أجبر لاحقاً عائلات أخري كانت تقيم بذات المنطقة علي الهجرة إما بعيداً عن المحافظة أو استئجار شقق في المساكن الشعبية في مناطق فيصل والفرز.. وغيرها، ورويداً خلت المنطقة إلا من عيد وعائلته والهاربين والمجرمين.
أثارت هذه البؤرة حفيظة وزارة الداخلية خاصة بعد ورود تقارير من مباحث أمن الدولة والأمن العام وجهات أخري بضرورة تصفيتها.. وبدأت علي إثر ذلك مديرية أمن السويس في شن حملات بشكل مكثف دفع عدداً من تجار المخدرات بـ«أبوسيال» إلي الهروب في وديان ومغارات جبل عتاقة، وأثناء ذلك كان لابد من العودة للاستعانة بعيد الذي بدأ يمارس دوره كمرشد سري مع أحد الضباط في الخفاء والعلن، وساهم بالفعل في القبض علي عدد غير قليل من تجار المخدرات والسلاح بالسويس والإسماعيلية، وإرشاد الأمن بالإضافة إلي ذلك عن أماكن الهاربين والخطرين في وديان ومغارات جبل عتاقة.
هذا الوضع لم يدم طويلاً، فقد قتل أحد أفراد أسرته في إحدي الحملات الأمنية، أعقب ذلك مباشرة وجود حاجة ملحة للقبض عليه..خاصة بعد أن بدأت تفوح رائحة علاقاته المريبة بالضباط وإهدائه سيارة «جيب» سوداء لأحدهم.
اضطربت العلاقة في هذا الوقت وأصر علي رفض تسليم نفسه بالحسني مقابل وعود لم يعرها اهتماماً، لم يثق في جديتها بالمساعدة علي تحقيق الأحكام الصادرة ضده.. وبدأ الأمر يتحول إلي أزمة.. جعلت ردود أفعال الطرفين عنيفة، وتمكن هو من قتل أحد الضباط في شهر يونيو من العام الماضي، خلال مطاردته وتمكن هو من الفرار..
بحلول شهر أغسطس الماضي، صدرت حركة تنقلات قيادات الداخلية وتم نقل اللواء إبراهيم عبدالمعبود وترقيته مديراً لإدارة البحث الجنائي بالسويس.
واللواء عبدالمعبود ـ رحمه الله ـ من مواليد 1954 بالمنوفية وتخرج في كلية الشرطة عام 1978 وعمل ضابطاً بمباحث مديريات أمن مطروح والسويس والمنوفية والوادي الجديد.
استهل عبدالمعبود توليه منصبه الجديد بخطة أمنية تسعي في المقام الأول لتطهير المحافظة من الخطرين وكان علي رأسهم أحمد عيد المرشدي الذي أنهك مديرية الأمن بمطاردات عديمة الجدوي زادت من قوته وثباته وثقته بنفسه.
البعض يؤكد أن المتهم أوقع بقوات أمن السويس خسائر عديدة منها إصابات مؤثرة لعدد من رجال الشرطة خلال مطاردته، ولم يتم الإعلان عنها.
تسربت تفاصيل خطط إدارة البحث الجنائي للقبض عليه فسارع هو بتجنيد مخبرين وأمناء شرطة في مديرية الأمن وأقسام شرطة الأربعين والجناين وعتاقة.. وهي الأقسام التي كانت تخرج منها حملات مطاردته التي باءت بالفشل الذريع واحدة وراء الأخري.. علم المرشدي أيضاً من مصادره أن الأمن لن يهدأ له بال ولن يغفل له جفن حتي يظفر برأسه.
مصادر قالت لـ«الدستور»: كل خطط القبض علي المرشدي كانت تبوء بالفشل.. كنا نتلقي الإخبارية عن وجوده في مكان ما.. وعندما نصل لم نكن نعثر إلا علي بقايا من طعامه أو شرابه ودليل قاطع علي أنه كان هناك وهرب قبل وصولنا بلحظات، وكأنه كان يتعمد أن يترك لنا شيئاً يقول إنه كان موجوداً لاغاظتنا!
المصدر يضيف: بمرور الوقت وبعد مضي 3 أسابيع متواصلة بدأنا نشعر أن هناك من يبلغه بخروج الحملات للقبض عليه، لكننا لم نأخذ الأمر بالجدية التي يستحقها ولم نفتش عن الشخص الذي يعمل لحسابه إلا من باب «تقضية واجب والسلام».
انتهي كلام المصدر وبدأت نتيجة الفشل المتوالي في القبض عليه تنعكس علي الأداء الأمني الذي اتسم بالرعونة والاستسهال في بعض الأحيان، في الوقت الذي كان فيه المتهم ينصب الفخ للفتك بالمقدم أحمد يسري، وكيل إدارة البحث الجنائي.
كان المرشدي يدرك أن ذلك لن يكون أبداً بالأمر الهين، وحسب مصادر فقد لجأ إلي عقد صفقة مع أحد المخبرين والمرشدين تقضي بمساعدته علي استدراج المقدم أحمد يسري للانتقام منه مقابل مبلغ مالي إضافة إلي التراجع عن الانتقام منهم ومن أسرهم بعدما ساعدوا في وقت سابق ضباط المباحث علي تعقبه ومطاردته التي أسفرت عن مقتل أحد أفراد أسرته منذ ستة أشهر أي في شهر مارس الماضي.
لم يكن بوسع المرشدين عدم الانصياع لبنود هذه الصفقة، هناك إغراء بمبلغ مالي وتهديد بقتل أسرهم.. وتم وضع الخطة.
وفي مساء يوم 10 سبتمبر الجاري، تلقي المقدم أحمد يسري اتصالاً أبلغه بأن المتهم سيكون موجوداً في منطقة المثلث في الساعة التاسعة مساء لتسليم بضاعة لمجموعة من الطلبة.. في منطقة جبلية وسيتوجه بعدها لتموين سيارته من محطة الوقود أمام المزلقان بالقرب من سوق الخضار.
أبلغ يسري اللواء عبدالمعبود بالأخبار، ففضل الأخير أن يكون ذلك في وجوده وبدون ضجيج حتي لا يفلت المرشدي هذه المرة.
ولم يكن القاتل قد تعرف علي اللواء عبدالمعبود بعد.. وإن كان هناك من يجزم بأنهما تقابلا للتفاوض بشأن تسليم نفسه طواعية قبل أيام من اغتياله.. لكنه كان يعرف أنه سيكون موجوداً بصحبة ضابطين هما أحمد يسري و«هو هدفه» ورئيس مباحث قسم شرطة عتاقة الرائد أحمد البهي.
وفي سرية تامة تحرك اللواء عبدالمعبود في سيارة ملاكي سوداء يقودها الرائد أحمد البهي.. وفي ظل هذه السرية تعثر علي المتهم معرفة أوصاف السيارة التي ستأتي للقبض عليه لكنه لسبب كان علي يقين أنها لن تكون مدعومة بأي قوات أخري.. ولذلك فقد اختبأ خلف محطة الوقود الموجودة علي يسار المتجه إلي قسم الجناين عبر طريق السويس ـ الإسماعيلية وظل يتقدم رويداً عندما اقترب وقت وصول السيارة وبسهولة تعرف عليها بعدما شاهد المقدم أحمد يسري في المقعد الخلفي فاستقل السيارة التي كانت منتظرة بصحبة المتهمين الآخرين وتمكن من اللحاق بها عندما أبطأت من سرعتها وهي تعبر المزلقان.. وفي لحظات كان يسير بمحاذاتها ثم فاجأ ركابها بدفعة طلقات أصابت اللواء عبدالمعبود بطلقة في الكتف ثم اعترض طريقها بسيارته وواجههم من الأمام بدفعة أخري اخترقت إحداها رأس اللواء عبدالمعبود وأصاب الضابطين الآخرين بعدة طلقات دون أن يتمكن أحدهم من إخراج طبنجته لصد الهجوم.
سارع المتهم بالهرب إلي داخل الصحراء تاركاً وراءه مصابين وجثة و12 فارغ لأعيرة نارية وصخب وبلبلة في منطقة المثلث.
خبراء الأمن يحللون ذلك بالقول إن ما حدث دليل علي انهيار هيبة الشرطة ممثلة الحكومة بل الممثل الرسمي الوحيد لها هو دليل أيضاً علي ضعفها وهوانها علي المجرمين.. يقول الخبراء إن محاولة القبض علي مثل هذا المتهم اتسمت بالفوضي والعشوائية غير المعقولة.
ففي مثل هذه الحالات كان الأمر يحتاج لعدة خطوات وتدابير هي من أبجديات العمل الشرطي السليم وهي أولاً التحريات التي يتم جمعها بدقة شديدة ومن جهات متنوعة مثل الأمن العام وأمن الدولة والبحث الجنائي ثم وضع خطة للقبض علي المتهم في ضوء ذلك مع توفير القوة المناسبة للتعامل مع هذه الخطة وهذا لم يحدث ومن الواضح أنه لم تكن هناك تحريات ولا خطة.
إذن، فما الذي حدث؟، تُجمع عدد من علماء النفس أن الضباط بطبيعة الحال يكون لديهم ميل للتصرف بشجاعة زائدة ممكن أن تصل إلي الرعونة في بعض الأحيان.. كما أن «الأنا» تتملكهم في مثل هذه المواقف التي لا تقبل خطأ ولو بنسبة 1%.
وعودة لخبراء الأمن الذين يتعجبون من خروج مدير مباحث وهو ـ عرفياً ـ رقم (1) في مديرية الأمن للقبض علي متهم خطير بهذا الشكل دون أن تصحبه قوة مناسبة لخطورة هذا المجرم.
رغم التكتم الشديد الذي تفرضه الجهات الأمنية علي المعلومات الخاصة بهذه القضية، ورغم ما هو متوافر من معلومات فإن القضية ووقائعها لاتزال لغزاً محيراً.. يقول البعض عنه إن الحقيقة قد تكون عكس ما هو متداول تماماً.
يقول مصدر أمني مطلع إن اللواء عبدالمعبود والضابطين كانوا في طريقهم لإقناع المتهم بتسليم نفسه طواعية دون اللجوء للعنف.. يدلل المصدر علي ذلك بعدم خروج قوة أمنية مصاحبة ومفاجأة المتهم لرجال الشرطة بوابل من الرصاص.. في وقت ـ علي أسوأ الأحوال ـ كان بإمكان أحدهم ولو الإمساك بمقبض سلاحه..!! إضافة إلي أن ضابط برتبة لواء ويشغل مدير إدارة البحث الجنائي ليس بالرعونة التي تدفعه لأن يخرج في مثل هذه المهمة دون غطاء كثيف فضلاً عن أن المتبع في مثل هذه الحالات وضع خطة محكمة تناقش علي أعلي المستويات تحت إشراف وزارة الداخلية وتشمل عمل حساب جميع الاحتمالات والأمور غير المتوقعة.
لكن يبقي السر قائماً رغم ما سبق.. والأغلب أن الوحيد الذي سيجيب عليه هو المقدم أحمد يسري الذي شفي من جراحه منذ أيام وعاد إلي بيته.. «الدستور» أجرت اتصالاً هاتفياً به.. وبدا من خلال الاتصال أنه تماثل للشفاء وبصحة جيدة فسألناه عن التفاصيل؛ فأجاب أن ما حدث هوما أعلنته الجهات الأمنية، فقلنا إن هناك سراً ما، فقال لا توجد أسرار.. ما أعلنته مديرية الأمن ووزارة الداخلية هو ما حدث وتم التنبيه عليّ بعدم الإدلاء بأي معلومات وأنا ملتزم بالتعليمات.
سألت «الدستور» مصدر مطلع بمديرية أمن السويس عما يتردد عن وجود أزمة مع البدو في المناطق التي تتماس مع أماكن إقامتهم؟ فقال: لا أبداً بس لما أشوفه في الكمين لازم أمسكه واتحري عنه دول ناس بيتاجروا في المخدرات والسلاح، انتهي كلام المصدر.
ولا شك أن مقتل اللواء إبراهيم عبدالمعبود نتيجة لتوتر متصاعد بين الدولة والبدو، خاصة خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تدهوراً عنيفاً في العلاقة، خاصة مع استمرار تعامل الدولة مع البدو علي أنهم «ملف أمني» فقط في حوزة الداخلية.
خليل جبر أحد عواقل قبيلة «السواركة» والباحث في شئون القبائل يقول: إن الدولة عامة والداخلية بوجه خاص هي المسئولة عن مقتل اللواء عبدالمعبود.. فالوضع باختصار «عصابة تواجه عصابة» بمعني أن الدولة والداخلية تواجه البدو بأسلوب العصابات وتصر علي الدوام إلصاق التهم بهم مثل التجسس وتجارة المخدرات والسلاح.. والأهم هو اعتبار جميع قبائل البدو وحدة سياسية واحدة وعندما يرتكب فرد من هذه القبائل جريمة ما تشغل الرأي العام فإن الداخلية تنزل العقاب بالجميع دون تفرقة وتضعهم جميعاً في دائرة الاتهام ثم يتطور الأمر إلي ما نسميه الخصومة الثأرية.
ووفرت قبائل البدو خاصة الترابين والسواركة لأجهزة الأمن مقتفي الأثر والأدلاء لتعقب المتهم.. وسرعة القبض عليه لكن الأمر لا يخلو من شبهة وجود ضغط للقيام بهذا الدور، هناك مصدر قبلي رفض ذكر اسمه يقول: إن قبيلة الترابين لم «تشمس» المتهم أي تهدر دمه ولم تطرده كما يشاع لأن كل قبيلة تحتاج إلي عدد لايقل عن 10 أفراد منهم تنذرهم للقيام بالدور الذي كان يقوم به «المرشدي» وهذا الدور هو الثأر لها وإرجاع حقوقها إذا تم الاعتداء عليها في أي وقت محمد بركات بالأشكال الإجرامية المعروفة.
لكن مساء يوم الاثنين الماضي، عقدت قبيلة الترابين مؤتمراً بمنطقة زهراء المعادي أصدرت فيه بياناً صاغه الدكتور أحمد عيسي الجمل ـ الأستاذ بجامعة حلوان ـ استنكرت فيه ما فعله المتهم وقالت إنه مطرود هو وأسرته منذ عام 2007، من وسط سيناء، وقال بيان القبيلة إن ما فعله المتهم جريمة تخالف جميع الأعراف البدوية وقوانين الدولة.
وهو ما اتفق مع تصريح للشيخ سلام الذي يرتبط بصلة قرابة بعائلة المتهم وقال إن عشيرته كلها ترفض هذا الفعل وأعلنت في وقت سابق إهدارها دم المرشدي.
هل هناك خلل ما؟.. «نعم هناك خلل» هكذا يؤكد اللواء حسام سويلم ـ الخبير الاستراتيجي ـ مضيفاً: الأماكن التي يهرب إليها البدو في مثل هذه الظروف تكاد تكون معروفة لكن المشكلة في الأمن الذي يكتفي دائماً بأن يكون دوره مجرد رد فعل فهو مثلاً لم يكلف نفسه بإعداد دراسات وتحريات واسعة بشكل دوري عن هذه الأماكن، ولم يكلف نفسه أيضاً بمداهمتها من حين لآخر.. هو ينتظر دائماً حتي تحدث الكارثة ويبدأ التحرك بارتباك كالعادة..
لا يبدو أن هذا المسلسل سينتهي في القريب العاجل.. وبحلول نهايته من الجائز جداً ظهور مفاجأة مدوية تكون علي العكس تماماً مما يتم الترويج له حتي الآن.