إن قانون الشفعة حين قال فى المادة الثالثة منه أن لا شفعة " فيما بيع من المالك لأحد أقاربه لغاية الدرجة الثالثة " لم يبين القاعدة فى احتساب درجات القرابة . ثم إن الشريعة الإسلامية ، باعتبارها هى الأصل فى نظام الشفعة ، لا يجدى الرجوع إليها فى هذا الصدد . وذلك : أولاً - لأن المادة المذكورة لم تنقل عن الشريعة الإسلامية . وثانياً - لأن الشريعة الإسلامية وإن كانت قد تعرضت لدرجات القرابة وقال فقهاؤها إن الدرجة هى البطن ، فإنها لم تتعرض لكيفية احتساب الدرجات إذ هى لم ترتب أحكاماً على تعددها . كذلك لم يأت الشارع فى النصوص الأخرى التى أشار فيها إلى درجة القرابة بقاعدة لاحتسابها ، فيما عدا نصاً واحداً فى قانون المرافعات فى المادة 240 التى أشير فيها إلى هذه القاعدة بصدد رد أهل الخبرة إذ جاء بها بعد ذكر أنه يجوز رد أهل الخبرة إذا كان قريباً من الحواشى إلى الدرجة الرابعة : " ويكون احتساب الدرجات على حسب طبقات الأصول طبقة فطبقة إلى الجد الأصلى بدون دخول الغاية وعلى حسب طبقات الفروع طبقة فطبقة لغاية الدرجة الرابعة المذكورة بدخول الغاية ". وهذا النص وإن كان قد ورد فى صدد معين فإن الطريقة التى أوردها فى احتساب درجة القرابة هى الطريقة الواجب إتباعها فى سائر الأحوال ، لا لأن النص ورد بها فحسب بل لأنها هى الطريقة التى تتفق والقواعد الحسابية فى عد الدرجات . واحتساب الدرجات بمقتضى هذا النص يكون على أساس أن كل شخص يعتبر طبقة بذاته . وعلى ذلك يكون إبن العم أو العمة فى الدرجة الرابعة ، إذ هو طبقة ووالده طبقة والأصل المشترك " الجد " طبقة إلا أنها لا تحتسب ، ثم العم طبقة وابنه طبقة ، فهذه طبقات أربع . ويظهر أن هذه الطريقة فى احتساب الدرجات قد نقلت عن المادة 738 من القانون المدنى الفرنسى التى جاء فى الفقرة الأولى منها ما ترجمته : " يكون احتساب الدرجات بالنسبة إلى الأقارب من الحواشى على حسب الطبقات من القريب المراد احتساب درجته إلى الأصل المشترك من غير أن يدخل هذا فى العدد ثم منه إلى القريب الآخر " وجاء فى فقرتها الثانية تطبيقات للقاعدة فقالت : إن أولاد العم الأشقاء هم فى الدرجة الرابعة . والواقع أن درجة القرابة ما هى فى حقيقة أمرها إلا المسافة بين الشخصين وأصله أو فرعه ، فيجب بالنسبة إلى الحواشى أن تعد المسافات التى تفصل بين الشخص المطلوب معرفة درجة قرابته والأصل المشترك ، ثم تضاف إليها المسافات التى بين هذا الأصل والقريب الآخر ، ومجموع هذه المسافات يكون درجة القرابة . وعلى ذلك فأبن العم أو العمة يكون فى الدرجة الرابعة ، لأن بينه وبين أبيه مسافة ، وبين هذا وأبيه - وهو الأصل المشترك - مسافة ، ومن هذا لأبنه مسافة ومنه لأبنه مسافة ، فمجموع هذه المسافات أربع . وهذا هو حاصل القاعدة التى أوردها الشارع فى المادة 240 من قانون المرافعات . فالحكم الذى يعتبر إبن العمة فى الدرجة الرابعة ، وعلى هذا الأساس أجاز الشفعة فيما اشتراه من أبناء خاله يكون قد أصاب .
( الطعن رقم 27 لسنة 14 جلسة 23/11/1944 )